الحلقه الثانيه

سر الطائره المصريه

ماثيو وورلد:

لو حدث خلل ميكانيكيّ وتوقفت إحدى الرافعتين، فإنك تحتاج إلى فصلهما، كي تتمكن الرافعة الأخرى من التحرك، والطائرة مصممة بحيث إذا وضع الطيار قوة كافية، يستطيع فصل الرافعتين لعلاج الخلل الميكانيكي المتمثل في توقف إحدى الرافعتين عن العمل.

وليد البطوطي:

فالراجل بعث قال لي: لا، الطيارة ده ما تعملش غير 12 درجة، والطيارة ده ما فيش فيها (الفلابس) اللي هم الكلام اللي قالوا عليه، واحد نزل، وواحد طلع، فكلام يعني ناس ما ركبتش طيارات، ولا ناس بتفهم، والمفروض أنه سيناريو وحيعدي.

واحد طفى الماكين، طفى ماكين الطيارة والطيارة طايرة في الجو، البني آدم العادي، اللي ما ركبش طيارة وما بفهمش ييقول لك: آ، [نعم]. طفى الطيارة ده بـ، طيب ده ممكن بطفي الطيارة عشان بهرب من صاروخ في الليل.. حرارة..مشى ورا الطيارة، وبيعمل (Gleding)، والطيارة مصنعة على إنها تعمل (Gleding)، يعني تطير شراعي، كويس ولكن زاوية الانكسار.. كويس وباللغة العربية أقولها لحضرتك العربية احنا لما بنسوق العربية (الدركسيون)  له زاوية ما بيروحش بعدها، مهما إنت عملت بقى وحطيت قوة عليه، حتتكسر الطارة لكن ما تقدرش.

يسري فوده:

يقول لنا المحققون: إن عدادات الطائرة تقول لهم: إن السرعة النسبية للطائرة اقتربت من سرعة الصوت، وإن لم تصل إلى حد كسر حاجز الصوت، فيما تزيد سرعة الطائرة أي طائرة، يتضاغط الهواء أمامها حتى إذا بلغت حدًّا معينًا، يشكل الهواء جدارًا صلدًا لا تستطيع اختراقه، فإذا حاولت لتمزقت إلى أشلاء من تلقاء ذاتها، لو كانت هذه الطائرة طائرة عسكرية مصممة لذلك، لمزقت الهواء، ولو فعلت ذلك على ارتفاع منخفض لمزق الهواء الممزق نوافذ المدينة.

الطيار ديفيد ليرمونت:

هذه الطائرة ليست مصممة إلا للقيام بتلك المناورات التي يتحملها الجسد البشري بسهولة، يمكنها فقط -مثلاً- تطبيق الجاذبية الإيجابية، وهو الإحساس الذي يسيطر على راكب أرجوحة في ملهى، حين ترتفع فجأة، فيندك في مقعده، وأقصى ما تستطيعه الطائرة يعادل مرتين ونصف المرة من الجاذبية، فيشعر الراكب بأن وزنه زاد مرتين ونصف المرة، وهذه ليست مشكلة، إن طائرات كهذه -ببساطة- ليست مصممة للقيام بمناورات تحتوي على تطبيق قوى عنيفة من هذا النوع.

يسري فوده:

وأخيرًا، يقول لنا المحققون: أن رادار سلاح الطيران الأمريكي يقول لهم: إنه التقط الطائرة، وهي ترتفع مرة أخرى إلى 24000 قدم ثم تهوي إلى 10000 قدم قبل أن تتبخر .

ماثيو وورلد:

لدى سلاح الطيران الأمريكي رادار من نوع خاص، يستطيع تحديد الارتفاع، وقد قالوا: إنه بعد سقوط الطائرة، رأوها تصعد مرة ثانية لمسافة ميل، ثم تسقط مرة أخرى، وهذا نمط غريب جدًّا، أثار مزيدًا من التساؤلات، وبعد أيام قليلة، وجدوا الصندوقين الأسودين اللذين أكدا هذا السقوط المفاجئ، ثم الصعود مرة أخرى.

الطيار ديفيد ليرمونت:

كان هذا هو الرادار الذي رسم صورة مكنت المحققين من تكوين فكرة عن بداية انفجار الطائرة من جراء ديناميات الهواء، رأوها تتفسخ، فبدلاً من رؤية نقطة واحدة، رأوا فجأة أكثر من نقطة في المنطقة نفسها، وهنا أدركوا أن الطائرة تنفجر.

يسري فوده:

سلمت مصر مقاليد التحقيق إلى الجانب الأمريكي، تحول الخصم إلى خصم وحكم في آنٍ معًا.

محمود عوض:

سنة 1980 السعودية ما هي وقعت لها طيارة، ريس الطياره أمريكاني، في البداية برضه حاولوا يعني يلبسوا التهمة للطيار السعودي، كان معاه مساعد اللي هو المهندس الميكانيكي اللي كان معاه أمريكاني، ووبعدين تبين بعد كده لما السعوديين راحوا جابوا خبرا بريطانيين يحللوا لهم الموضوع، طلع إنه عيب في التصميم تاع الطيارة، في عندك حوادث كثير، يعني نقدر نسترسل في هذا، ما ننساش أبدًا إنه في تضارب مصالح، لا حكاية بقى لا صاحبي، ولا مش صاحبي، هنا أنا لي مصلحة تختلف تمامًا عن مصلحتك.

مصطفى بكري:

هو ده، نحن -للأسف- سمحنا للجان تحقيق أمريكية بأن تأتي هنا، وتستجوب أسر الضحايا، وكان الأولى بنا أن نطردهم من هنا، وأن نكون نحن الموجودين في الولايات المتحدة الأمريكية، لنحقق في هذه الجريمة التي وقعت على أرض الولايات المتحدة الأمريكية، أو في مياه دولية على الأقل، من حقنا أن نكون طرفًا فعلاً، لكن للأسف أنا شاعر بتقصير، ويشعر كل مصري بتقصير حكومي مصري تجاه التعامل مع قضية الطائرة.

محمود عوض:

قعدوا يقولون: آه، لا، ده نحن مشتركون، ودينا وفد، ودينا لجنة وبتاع، لغاية التفريغ بتاع الشريط الثاني مثلاً، عرفنا إنه في الجلسة الأولى بتاع الاستماع لتفريغ الشريط الثاني، الصندوق الثاني، مُنِعت مصر للطيران من حضور جلسة الاستماع، ومُنِع مجلس الطيران الفيدرالي الأمريكي نفسه، واقتصرت جلسة الاستماع على مندوبين من وكالة المخابرات الأمريكية اللي هي الـ( C.I.A)، طيب إفرض عمل معاه شغل عافية، يعني ما هو أنا مش حأخش [أدخل] فيه وأبقى ماسك له مسدس وأقول له خش على الأوضة ولا ما تخشش، يبقى كان لازم  يطلع متحدث باسم مصر للطيران، ثاني يوم يقول جملة واحدة، ما يخشش في اشكالات ولا عواطف ولا مشاعر ولا صداقة ولا عداوة، تسجل مصر للطيران أنها منعت من حضور جلسة الاستماع الأولى، ده أهميتها أيه بقى؟ أهميتها إنها حتخلي الأمريكان يفوقوا مش في وجه مصر للطيران ولا مواجهة مصر، في مواجهة روابط الطيارين، وشركات الطيران حول العالم، لأنه هنا مصداقيته على المحك.

يسري فوده:

ولأن الموضوع يعِج بالتفاصيل الفنية، قررت أن أضع هذه المصداقية عمليًّا على المحك، ألقت بي مصر للطيران إلى مطار الدوحة، إلى هنا -على أية حال- ألقت الصدفة بأجيال من طيّاري مصر للطيران، لا للسياحة، ولا للتجارة، ولا للعمل، بل للتدرب على فنون الطيران.

ذهبت كارثة الرحلة 990 بمجموعة من خيرة طيَّاري طراز بوينج 767 ، أحمد الحبشي، رؤوف نور الدين، جميل البطوطي، عادل أنور، وغيرهم.. ومعهم كبير الطراز نفسه حاتم رشدي، كبيرهم الآن هو الطيار رشدي زكريا، وصل إلى الدوحة بعد الكارثة لتدريب صف جديد من الطيارين.

سياج من الحساسية غير مُبَرَّر يلف طيَّاري مصر للطيران في معظم اتصالاتي بهم بعد الكارثة، مفروض عليهم أحيانًا، وغير مفروض في معظم الأحيان، واحد فقط من أبرزهم، وأكثرهم كفاءة -لا أستطيع الآن ذكر اسمه- تحمس لفكرة بزغت في ذهني عندما قابلته في القاهرة، وافق على أن يلحق بي إلى هذا المركز التدريبي الملحق بالمطار، كي نختبر معًا على أرض الواقع مدى صدق التحليلات الأمريكية المبنية على ما يقولون لنا: إنه حقيقة، قدمنا طلبًا إلى شركة طيران الخليج، التي تملك وحدها في منطقة الشرق الأوسط هذا المحاكي لطراز الطائرة بوينج 767، وانتظرنا الرد.

في اليوم التالي توجهنا إلى صالة الاستقبال في مطار الدوحة انتظارًا لوصول الطيار المصري، كنا نعلم أنه ربما لن يأتي، وكان لدي أمل أنه ربما سيأتي، كان الصيد على أية حال أثمن من أن أضيع أخفت بارقة من الأمل، حطَّت الطائرة على مدرج المطار، لكنه لم يكن قائدها، ولا كان بين الركاب، في ذلك اليوم كانت الصحف قد نقلت عن وكالات الأنباء تصريحات لرئيس شركة مصر للطيران محمد فهيم ريان، يعبر فيها لأول مرة عن قناعته بأن شيئًا ما حدث في ذيل الطائرة، هو الذي أدى إلى سقوطها، قالت لي مصادر مقربة: أنه استشاط غضبًا، لأنه لم يكن يتوقع أن تخرج قناعته هذه إلى الملأ، بعد ذلك قال لي الطيار المصري الذي كنت في انتظاره: إنه حين عُلِم باتفاقه معي طُلِب إليه عدم السفر، رغم أنهم مقتنعون بسلامة موقفهم، متحمسون للدفاع عن أنفسهم، ما الذي يخشاه المصريون بعد ذلك إذن؟.

مصطفى بكري:

أنا لا أعرف الحقيقة، ولكن -للأسف- يعني الموقف المصري في قضية الطائرة في حاجة إلى مراجعة حقيقية، وأعتقد أن كل مواطن مصري يشعر بالجرح، لأنه يعني شعر بإهانة قومية من الولايات المتحدة الأمريكية، وكل مواطن مصري يدرك أن دماء هؤلاء الشهداء معلقة في رقاب الأمريكان، لا أعرف إذا كانت مصر ستظل إلى متى عند هذا الموقف؟ والحكومة متى ستتحرك؟ هل هي بالفعل في انتظار نتائج التحقيق؟ ومتى يمكن أن تظهر نتائج التحقيق؟.

محمود عوض:

خلينا نبتدي أولا بالجزء الإيجابي، إنه في أول 48 ساعة، طلع رئيس شركة مصر للطيران وقال: والله لو ثبت مسؤولية مصر للطيران، فأنا استقالتي حكون أول حاجة أعملها، كان يجب هنا تنتهي مهمة رئيس الشركة، الجملة ده وهي يعني كافية جدًا، وما نشوفش رئيس الشركة بعد كده.

د جيهان رشتي:

بصفة عامة، وهذا رأيي قد لا يكون علمي أو بل انطباعي، إنه أداء مصر للطيران كان سيِّء، وأنت لما ما كنتش تصمم على حقوقك، ما حدش حيديها لك، خصوصًا مع الطرف الأمريكي، أنت لازم تكون قوي، ولازم لو كنت صاحب حق تصمم عليه، وما تتنازلش، يعني احنا شُفنا الإسرائيليين بيعملوا أيه معاهم.

محمود عوض:

طبعًا كان ممكن يبقى الأداء مختلف عن هذا، يعني أداء مصر للطيران، وبالمناسبة أنا أيضًا أشرك في المسؤولية الحكومة المصرية نفسها، ما كانش هو الأداء المثالي، وبالعكس احنا ارتكبنا أخطاء ما كانش لازم ترتكب.

[مشهد من أرض المطار إبَّان خبر سقوط الطائرة حيث صراخ وعويل على أرض المطار]

يسري فوده:

منذ الإعلان عن تلك الكلمة: توكلت على الله، وما أعقبها من ثورة شعبية، لزم المسؤولون المصريون الصمت، تبدو حجة انتظار نتائج التحقيق الرسمي في عيون بعض المراقبين حقًّا يراد به باطل، هذا اعتذار موثق عن حديث طلبناه من رئيس شركة مصر للطيران فهيم ريان، وهذا خطاب مسجل إلى سفير المصري في واشنطن نبيل فهمي، اعتذر عنه بالهاتف، وهذا اعتذارٌ آخر من المدير العام لفرع مصر للطيران في نيويورك سمير الشنواني. [يعرض على الشاشة صورًا للخطابات المذكورة].

بدأت الإجابة على أية حال تتسرب إلينا فيما تلا ذلك من مراحل إنتاج تحقيقنا هذا، لا الطيار المصري وصل إلى الدوحة، ولا شركة طيران الخليج قبلت أن تفتح لنا أبوابها، الحجة هذه المرة أن محاكي الطراز المطابق لطراز الطائرة المصرية محجوز، هكذا..محجوز إلى يوم القيامة..‍‍‍! لا بأس، كلفت أحد زملائي في لندن باستئجار ساعتين على طائرة بريطانية من الطراز نفسه، لم يكد يشرح لهم من نحن حتى قالوا له: إن كان الأمر يتعلق بطائرة مصر للطيران فلتنسه تمامًا.

فكرت في باكستان، فكرت في السودان، فكرت في أفغانستان، فكرت في كل هؤلاء المغضوب عليهم من وجهة نظر الغرب، لكن قناعة كانت قد تكونت لدي، بأن الأمر إن لم يتم هنا في الدوحة، فلن يتم في أي مكان آخر على وجه الأرض.

الذي رسَّخ من قناعتي هذه أن مطار جون كيندي، رغم أنه واقعيًا أغلق الباب أمامنا، كان أذكى، فأرسل إلينا ما يبدو ظاهريًّا موافقة على استقبالنا، اشترط فيها عدم تصوير نقاط التفتيش الأمني، عدم تصوير صالة السفر رقم4 التي تضم مصر للطيران، وبصفة خاصة -على حد تعبيرهم- عدم تصوير أي عنصر أو مادة أو لافتة تشير إلى مصر للطيران، أضف إلى ذلك اعتذارًا هاتفيًّا من شركة بوينج، وآخر كتابيًّا من شركة (براتن وتني) المصنعة لمحركات الطائرة.

 رسالتان أخريان منا مسجلتان أولاهما: إلى مساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) (لويس شو ليرو) الذي صرح مرة بضلوع مكتبه في التحقيقات، رغم أنف الجميع، وثانيتهما إلى رئيس الهيئة القومية لسلامة المواصلات (NTSP) (جيم هول)، كان مصيرهما أيضا اعتذارًا هاتفيًّا عن عدم الحديث .

وليد البطوطي:

في البحث في ملفات جميل البطوطي لقوا إنه ما عندوش أي دوافع، فحيبصوا على واحد من الطيارين، لا، لأنه المرة القادمة أنا حأروح أقف أي طيار ثاني، وحأقف برضه، لا، لو يجيبو لنا العـيب والمشكلة فين يجيبوها. هـم عارفينها، هـم عارفينها كويس. شوف حضرتك سر الطيارة ده هم يعلموه تمامًا، وأنا مقتنع بالكلام ده، وقعدني مع (جيم هول) كده قدامه و(Face To Face) [وجهًا لوجه]، ربع ساعة حيوقع هو، الحقيقة الطيارة ده معروفة.

يسري فوده:

في العاصمة الأردنية عمان، زادت قناعتنا ترسُّخًا، عندما علمنا أن طاقم الطائرة الملكية الأردنية في رحلتها رقم 262، وقَّع قبل أيام من ذلك التاريخ على وثيقة ينفي فيها شهادته الأولى التي قال فيها: إن مساعد الطيار عواد الراشد رأى كتلة نار ملتهبة تقترب من طائرته في الموقع نفسه، الذي شهد سقوط الطائرة المصرية بعد ذلك بثلاث ساعات ونصف الساعة، لسنا ندري بعد ذلك إن كان الطيار الألماني الذي أدلى بشهادة مماثلة قبل ذلك، ثم سكت تمامًا، إن كان سكت وحده، أم أُجبر على السكوت مثلما لا ندري إن كان الطيار الأردني أحمد خفاجة قد رفض الحديث إلينا، أم أنه أُجبر على الرفض، رغم ذلك فقد استطعنا الوصول إلى من استطاع الوصول إليه، ثم أملى ضميره عليه بعد ذلك أن يبعث بهذا الكتاب إلى وزير الخارجية المصري عمرو موسى، وإلى شركة مصر للطيران. 
 لأننا لا نملك من الأدوات الفنية، أو ربما من الإرادة ما يمكننا من تفنيد ما يقولون لنا إنه حقيقة، لا أقل إذن من قليل من المنطق.

أترى حين أفقأ عينيك.

ثم أثبت جوهرتين مكانهما.

هل ترى؟

هي أشياء لا تشترى.

ولا أقل إذن من قليل من الإرادة، في الحلقة القادمة من هذا التحقيق ندخل معكم أخيرًا بهذه التفاصيل الفنية كلها، رغم هذه الضغوط كلها إلى محاكي طراز الطائرة المصرية بوينج 767، كي نناقش نظرية الانتحار على أرض الواقع، نضع بين أيديكم ما وقع بين أيدينا من حديث اللحظات الأخيرة، في قمرة القيادة، ونناقش حرية إعلامهم في هتك أحشاء من لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، حتى ذلك.. طيب الله أوقاتكم.

وليد البطوطي:

الإعلام بتاعهم قال: ضغوط سياسية. بيكلموا يعني بيكلموا..احنا ناس متعلمين يعني، ما الواحد ما بيقللش من من شأن بلده أبدًا، لأننا احنا لنا وضعنا طبعًا في المنطقة، ولكن يعني ما ييجيش يقول لي: مصر عملت ضغوطًا سياسيةً على أمريكا‍‍!! لا، مصر فقست أو.. أو.. أوقف عندك، أوقف والزم حدودك، سمعني الشريط [شريط غرفة القيادة].