الطريق الى عتليت

 

كيف كان اليهود يعاملون الأسرى المصريين أنها واحده من أكبر أنتكاسات الأمه العربيه

 

واحد من أكثر جراح مصر والأمة العربية كلها عمقًا، إن لم يكن أعمقها على الإطلاق، الخامس من يونيو/حزيران عام 1967، يوم انكسرت كرامة العرب، كان لتضحيات غالية أن تبذل، وللأعوام الطويلة أن تمر، قبل أن يعود إلينا بعض من كرامتنا، بعض من أراضينا، وقليل من الرجال، هؤلاء الذين ماتوا في سبيل الله، هم اليوم أحياءٌ عند ربهم يرزقون، ولا جناح عليهم، أما هؤلاء الذين عادوا إلينا من خطوط المواجهة، أو من براثن الأسر، فإنهم يعيشون اليوم بين ظهورنا أقرب إلى الموتى.

قناة الجزيرة تفتح ملفات من أُذِلوا، كي يعود إلينا بعض من كرامتنا، وتطرح التساؤل: لماذا -إذا كان الاعتراف سيد الأدلة- مازلنا حتى اليوم نلتمس العذر لقادة إسرائيل، وهم يتفاخرون، ويتبجحون بذبح أسرانا؟. وكيف تحرص إسرائيل على استعادة رفات طيار لها قتل أثناء عدوانه على مصر، فيما لا نحرص نحن على استعادة حقوق آلاف الرجال ذُبحوا بعد استسلامهم، وهم لا حول لهم ولا قوة؟.

 

 

د. أحمد الفنجري:

أنا كنت ساكنًا في بيت، وبعدين سمعت الميكروفونات تدور في الشوارع، يقولوا: كل شاب بين سن الست عشرة سنة، وسن الـ50، الـ60 سنة يخرج إلى الساحات، التي فيها يتجمع الناس، ومن يبقى في بيته سوف يعدم في الحال.

اللي نجاني في هذه اللحظة إنه مرت رئيسة الممرضات في هيئة الأمم المتحدة، وأشارت عليَّ، وقالت:هذا طبيب، ليه ماسكينو؟ واخدينو ليه؟ لازم تطلعوه.

يسري فودة:

ماذا فعلوا بهؤلاء الرجال بين الست عشرة إلى الستين؟.

د. أحمد الفنجري:

آ، بقوا قسمونا إلى ثماني مناطق، أنا كنت في منطقة اسمها (شموني) وشموني يعني ثمانية، منطقة شموني دول اعتبروهم الخطرين، اللي هم حيروحوا الإعدام.

يسري فودة:

بأي تهمة؟.

د. أحمد الفنجري:

هي مجرد أنهم عاوزين يبيدوا الشباب.. الشباب العرب، هم كانوا بياخذون كل الشباب القادر على حمل السلاح، ويودوهم صحراء النقب جنب حدود غزة وهناك بيقتلونهم.

يسري فودة:

ما دليلك على ذلك يا دكتور؟.

يسري فودة:

آه، حدث سيول وأمطار غزيرة جدًّا، هذه الأمطار جرفت جميع الجثث اللي كانوا قتلوها في صحراء النقب، وفظلت السيول تجرف الجثث، تجرف الجثث، لغاية ما  وصلتها قطاع غزة، فأنا وأنا أبحث، لقيت أم الشاب ده راحت صارخة فجأة: ابني.. ابني، فتلم عليها الأهالي، هم كانوا مش عارفين مين دول، مين الجثث مشوهة، فاكتشفت أن الرجل الخشبية موجودة، وبعدين القصة بتاع الرجل الخشبية ده بقه لها قصة كبيرة قوي، لأنه اللي حدث هو أنه لما دخل اليهود قطاع غزة تجمع نساء الحارة اللاتي يسكنّ المنطقة حولين هذا الشاب، كل امرأة خلعت مصاغها، وقالت له: خبيه في رجلك الخشبية، فكانت هو فعلاً الأم أول ما فتحت وجدت مصاغها ومصاغ جيرانها، فبقيت محزنة، واكتشف إنه جميع هذه الجثث إنما كانت للأحياء الذين أخذوهم قدام [للأمامُ] أعيننا ورجعوهم بهذا الشكل جثثاً متعفنة.

يسري فوده:

على هامش بحثه في تاريخ إسرائيل مع العرب أتيح لأحد دارسي الدكتوراه في جامعة حيفا عام 94 أن يكون أول من يطلع على الوثائق السرية لوزارة الدفاع الإسرائيلية، الصدفة وحدها ألقت بين يديه بهذا الكنز.

د. موتي غولاني:

ثم فجأة في عام 95، قالوا: لا، لن ننشره، لأن به بعض القصص التي لا نريد للعالم أن يعرفها، ومن حسن حظي أن الصحفي الإسرائيلي (عمير أورين) نشر قصصًا من كتابي من أهمها قصة أسرى الحرب.

د. عمير أورين:

وعندما تصفحت هذا البحث وقرأت 600 صفحة بين تعليق وهامش وملحق، وقعت عيني قرب النهاية على هامش صغير يتعلق بإساءة معاملة أسرى الحرب في لواء المظلات، وذلك من واقع اجتماع قائد اللواء (إرييل شارون) وقائد الكتيبة (رافييل إيتان) في أعقاب الحرب.

يسري فوده:

كشف الذي كان جنديًّا ثم ضابطًا قبل أن يكون مؤرخًا، كشف النقاب لأول مرة عن قيام قوات إسرائيل عام 1956م بقتل 35 أسيرًا مصريًّا في غربي سيناء لا حول لهم ولا قوة.

أثناء هذه الحرب كذلك، نزلت وراء الخطوط المصرية كتيبة مظلات إسرائيلية في منطقة (ممر متلا)، حين تقدمت وقع بين أيديها 49 أسيرًا مصريًّا وعربيًّا، معظمهم من عمال الطرق، استسلموا، قُيدت أيديهم من الخلف، طرحوا أرضًا، ثم أفرغت رصاصة أو رصاصتان في رأس كل منهم، هكذا في برود دم، وبرود أعصاب، تقدمت الكتيبة بعد ذلك في اتجاه (رأس سدر) في طريقها ذبحت أولاً 56 جنديًّا ومدنيًّا عزلاً من السلاح داخل شاحنتهم، المصير نفسه الذي لقيه 168 جنديًّا آخر أعلنوا استسلامهم، هذه الأرقام من الإحصاءات الإسرائيلية لا المصرية. وهذا الوجه الذي لا يزال يحمل وشم المعارك، كان أحد ضباط تلك الكتيبة.

داني وولف:

كل من علم بذلك اعتقد أنها جريمة، وأنها قبيحة، وأنها ليست في صالحنا، لا أحد يتفق مع ذلك، ولكن الظروف التي أحاطت بنا كانت خاصة جدًّا، إذ كنا 300 جنديّ على بُعد مائتي كيلومتر خلف خطوط العدو، حولنا من جميع الاتجاهات كتائب الجيش المصري، لا تصلنا إمدادات، لا أحد يستطيع مساعدتنا، لا ماء، قليل من الطعام، كان لدى كل جندي لتر واحد من الماء لمدة 24 ساعة، أنا لا أحاول ولا أريد أن يسيء أحد هنا فهمي فيظن أنني أوافق على ما فعله، ولكن البديل كان أن نرسلهم إلى الصحراء، كي يموتوا هناك.

يورام بنور:

هذا الكلام ليس سبب ملائم للقتل حتى ولو في وقت المعركة، والمقولة العربية المعروفة تقول: إنه البدوي أخذ ثأره بعد أربعين سنة وقال: استعجلت، ولن يتوقع من الناس بشكل عام، ومن العرب يمكن بشكل خاص أن ينسوا هذا الشيء الذي هو (جريمة حرب)، لها اسم في القانون الدولي، الذي هو (جريمة حرب).

داني وولف:

أنا لا أستطيع تمثيل الجنرال (بيرو) فما فعله كان جريمة، وكان رد فعله غبيًّا، وليس هذا كل الحقيقة، فالجنرال بيرو -الذي كان وقتها الرائد بيرو- لم يكن وحده الذي قتل أسرى حرب، لقد حدث ذلك في مواقف أخرى قليلة: أثناء حرب 48، حرب 56، وحرب 73، وحرب 67، لكنه حدث من الجانبين، من جانب العرب، ومن جانب الإسرائيليين.

يسري فوده:

هذا هو قائده القاتل (إرييه بيرو) يقول: إن له أن يفعلها مرة أخرى، وقائد قائده صاحب السمعة السيئة (رافييل إيتان) وقائد قائد قائده صاحب السمعة الأسوأ (إرييل شارون) حين سئل بيرو إن كان قائده (رافييل إيتان) على علم وقتها بفعلته، قال: اسألوه.

د. موتي غولاني:

أنا متأكد من أنه كان على علم، بلا شك لقد قالها بنفسه قال: نعم كنت أعلم بها، وقد توصلت إلى ذلك عندما رأيت تقريرًا عن محضر اجتماع بين (رافاييل إيتان) و(إرييل شارون) عقد بعد أسبوعين من نهاية الحرب، وأثناءه قال (رافييل إيتان): إن هذا وذاك حدث، وقص الحكاية.

يسري فودة [حوار مكتوب على الشاشة]:

عندما سُئل (إرييه بيرو) عمن قتل الأسرى في (ممر متلا) قال: أحد الضباط. وأنا وسئل: هل ربطتم وثاق الأسرى قبل قتلهم؟. فقال: إنكم تسألون أسئلة غريبة! ولكن نعم، ربطناهم..  وسئل: كم كان عددهم؟ أجاب إرييه:ليس لهم عدد معين، قتلنا مئات. فسئل:كيف كانوا قبل قتلهم؟ قال (إرييه بيرو): منهم من رقد على بطنه، ومنهم من وقف مذهولاً؛ فسئل: هل تعتبر ما فعلته جريمة؟ قال (إرييه بيرو): إن قتل المصريين كان واجبًا، وإن أي مصري ابن (...) كان يعلم عنا شيئًا كان يجب قتله. سئل: هل حققوا معكم بعد ذلك؟. قال إرييه بيرو: لا، لقد أصدروا قرارات ترقية للجنود والضباط جميعهم.

يسري فوده:

في هذه الأثناء قاد أحد الفدائيين الطبيب المصري من مستشفى غزة إلى مستشفى (خان يونس) صدم بأكوام من القتلى والمصابين، بين عسكريين ومدنيين، ثلاثمائة على حد تقديره، لكنه لم يكد يبدأ في عملية الإسعاف الأولي.

د. أحمد الفنجري:

أنا كنت أنقل دمًا لواحد من الضباط المصريين جريح، فالمدفع الرشاش قلب السرير، وقلب جثة الرجل، وانقلبوا فوقي، وأنا أغمي عليّ، ووقعنا على الأرض، وفضلت المراتب فوقي والسرير والجثث، بعد مدة أفقت، دورت في الوسط لقيت دمًا، وقعدت حاولت أبص حوالي، إني أشوف إيه اللي بيحصل، لقيت الدنيا ساكتة خالص، ما في حاجة، حتى صوت نواح صريخ..، بتاع، ما في أي شيء أبدًا.

يسري فوده:

كله مات؟

د. أحمد الفنجري:

كله مات، فقلت بقه إيه أنا أروح غرفة العمليات، زحفت في الأول، قعدت أزحف عشان أوصل لغرفة العمليات، وأنا خايف لأنه ليكون لسه في واحد منهم ويضربني، زحفت على الأرض، وفضلت أزحف على بطني لغاية ما وصلت لغرفة العمليات، فوجدت جميع زملائي الأطباء قتلى، وأنا كاتب أسماءهم هنا، وصورهم كمان.

أغنية [كخلفية] يرافقها ما يلي:

الأحزان تغمر كل شيء في مصر، الإنسان والمكان، كل ما في أرض مصر وسمائها جريح، البيت، الحقل، المصنع، أوراق الشجر، نسمات الهواء..

يسري فودة:

شُلَّ طيران مصر بعد ساعات من بدء ما عرف بعد ذلك بنكسة الخامس من يونيو/حزيران عام 1967، ساعتها كان هم هذا الرجل أن ينجو بحياة 1500 روح تحت إمرته.

سعد الدين الشاذلي:

فرحت واخد بعضي ومتقدم العشرين كيلو دول، ودخلت داخل الحدود الأيه؟ الفلسطينية بحوالي خمسة كيلو، عشان أضمن لنفسي حماية بين الجبلين، وفي منطقة بير هناك آخذ منه مية، لأنه أصبحت الإعاشة حتبقى عملية صعبة جدًّا، فالطيران اكتشفني، وثاني يوم الصبح اللي هو 6 يونيو، جاء وزارني، إنما ما عرفش يضرب، لأننا في بطن الجبل، والطيار لازم يشوف الهدف اللي عاوز يضربوا قبلها بحوالي عشرة كيلو.

رمضان عراقي:

إحنا طبعا العربية خلاص، الموقف انتهى، وما عدش، وابتدت الناس تجري، لما دخل علينا، فيش حماية، لا حماية جوية، ولا حماية أرضية، انتهينا كده، وأصبحنا في موقف كأننا في…

يسري فودة [مقاطعًا]:

مصيدة فئران.

رمضان عراقي:

في مصيدة، الدبابة جت اللي أنا مش مركز عليها، وقفت: كاديما يا مصري، وقفت

يسري فودة:

يعني إيه بقه؟

رمضان عراقي:

يعني كاديما يعني تعال، وفي اليوم الثالث، أو الثاني، أو في بداية اليوم الثالث كان حصاد الأسرى بقى..

يسري فودة [مقاطعًا]:

فأخذوك أنت وسابوا اللي رجليه قطعت، سابوه ينزف لوحده!

رمضان عراقي:

سابوا اللي رجليه قطعت، سابوه ينزف لوحده، خلاص ما فيش فائدة، عايزين ياخدوا على السليم. فقالوا كل الناس:العطشان يقوم يشرب، فالناس كلها عطشانة قامت تشرب، قالوا: لا، الضباط الأول إيه ما عندكوش.. في ناس بتتكلم عربي معاهم، إيه ماعندكوش (ميري)؟ وقفوا الضباط كلهم الأول عشان يشربوا، وجاؤوا حوالين حنفيات الميه ده، وأول ما جاؤوا حوالين حنفيات الميه سلطوا عليهم مدافع (الزلحا) موتوهم، وهم واقفون، أول حاجة الضباط.

محمد حسين يونس:

يوم 6 يونيو عرفت من قيادة الجيش أن العريش وقعت، وأن (أبوعجيلة) وقعت، وأنهم في طريقهم إلى الكيلو 165 الصبح بندور على رئيس العمليات بتاع الكتيبة وقائد الكتيبة ما لقيناهمش، لقيناهم طفشوا، دورنا على قيادة الفريق..

يسري فودة:

يعني إيه طفشوا ؟

محمد حسين يونس:

هربوا، خدوا بعضهم ومشيوا.

يسري فودة:

من غير ما يقولولكم؟

محمد حسين يونس:

من غير ما يقولوا بالطبع.

سعد الدين الشاذلي:

الكلام اللي قلته لسيادتك كلام خطير جدًّا، وإذا هذا الشخص قال هذا الكلام يجب على وزارة الحربية أن تحقق وتعرف القائد بتاعو كان مين.. وكان مش موجود ليه؟.

محمد حسين يونس:

كان اسمه الرائد رفعت حمود، رئيس العمليات كان الرائد خلف الله إمام خلف دول: قائد الكتيبة، ورئيس العمليات.

رمضان عراقي:

نقطة هامة وده بقه أكثرية الناس: العساكر اللي واخدينها نايمين على وشهم، حصيرة، تذكرت كلمة واحد قالها لي في 56، ابن عمتي كان حاضر حرب 56، قال لي: كانوا بينيموا الأسرى المصريين على وشهم، ويدوسوا عليهم بالدبابات، تذكرت أنا في اللحظة ده الموقف ده، قال لنا: خلاص حننام. وده آخر كلام، أننا إحنا كده بتاع إعدام إعدام، ما فيش فيها مفر..

أمين عبد الرحمن:

والدبابة تدوس على سطر، دبابات بتدوس على بني آدمين، وبتدفن بني آدمين صاحية.

يسري فودة:

أنت شفت بعينيك؟

أمين عبد الرحمن:

بعينيّ.

يسري فوده:

كم واحد تقريبًا؟.

أمين عبد الرحمن:

كثير، أنا شفت ناس كانوا بيحطوهم طابور، خمسة عشر واحد، والدبابة تروح ماشية عليهم، خمسة عشر واحدًا! وبعدين الدبابة لما تمشي عليهم، ممكن واحد منهم ما تكنش داست عليه الدبابة، لأن الدبابة هنا جنزير، وهنا جنزير، يكون تحرك، يكون عمل، إذا جاء ولقي واحد منهم صاحي، يجيبوه ويحطوه على صدر الدبابة، ودبابة ثانية تضربه، دبابة تخش في دبابة عشان تفرقع البني آدم، مين اللي بيعامل الأسرى كده.

قالوا لي بقه: نم هنا جنب أصحابك، نمت جنب أصحابي، دبابة طبعًا أربع خمس صفوف، الصف فيه حوالي خمسين واحد، دبابة اتجاهها مثلاً دغري، والثانية اتجاهها معاكس، والثالثة اتجاه معاكس لها، يعني أربع خمس صفوف، أربع خمس دبابات كلها في اتجاه معاكس لبعضها، وينفذ في وقت واحد.

محمد حسين يونس:

خرجنا من (الحسنة) على الطريق بتاع (القسيمة)، وفيه هناك جبلان، طلعنا جبلا من الجبال ديّن، وابتدينا نمشي على رجلينا، لما مشينا على رجلينا فقدنا الميه، ما كنش ماعنا ميه، العربان الحقيقة اللي كانوا موجودين في سيناء وقفونا، وادونا ميه، وقالوا لنا يعني: خليكوا رجالة، أنت خايف من إيه من الجبل. طول ما أنت ماشي حتلاقي معيز وحتلاقي غنم وحتلاقي حاجات، اذبح وكل وعيش في قلب الجبل، وما تنزلش تحت، صراحة، في نهاية اليوم، لقينا فعلاً مجموعة من المعيز، جرينا عليها وقعدنا.. كنا عطشانين وجعانين، قعدنا نمص اللبن بتاع المعيز. طبعا المنظر ما بقدرش أنساه أبدًا، منظر عين المعزة، وهي بتبصلك، في الأول بتعافر عشان ما تقدرش تمسكها، بعدين أول ما بتحط بقك [فمك] على الضرع بتاعها وتبتدي تمص اللبن تعتبرك ابنها.

سعد الدين الشاذلي:

بداية أقول: الحمد لله أنه لم يقع أي أسير من قواتي في يد العدو، وده كانت مسببة لهم قلق كبيرجدًا، لدرجة أن بنت ديان لما طلعت كتابًا بعد الحرب، قفالت -مع أنهم كانوا على المحور الجنوبي- فبقوم يقولولهم إيه خلي بالكو مجموعة الشاذلي جايز تظهر أدامكو في أي وقت، مع إنني أنا مش على الطريق الجنوبي، أنت واخد بالك، وقالت الكلام ده في كتابها، ..قلت لك كانوا بيزوروني هناك  في 6 و7 ، وبعدين صباح يوم 7 بيبصوا ما لقونيش خدت بالك فمش عارفين أنا رحت فين.

أمين عبد الرحمن:

الوحدة سلَّمت، لأنها ما كنش عندها إمكانيات إنها تقاوم، فالوحدة أساسًا سلمت، أول تسليم الوحدة موتوا ثروت عازر خيلاللي هو قائد الكتيبة، بالنسبة لسريتي بقه: محمد ممدوح عبد الحميد قائد السرية، ومحمد أحمد البُطة قائد سرية المدفعية، أول حاجة رقيب أول السرية بتاعتي عبداللطيف أحمد العيل من المنوفية موتوه على طول..

محمد حسين يونس:

الراديو بيقول إنو إحنا خلاص حصرناهم في قلب الطريق الأوسط، وأن النسق الثاني حيعمل هجوم مضاد، الكلام اللي بيقوله أحمد سعيد حاجات غريبة جدًّا كان عمال يقولها... لأنه إحنا كنا على الطريق الجنوبي، وهم بيتكلموا على أنهم حصروهم هناك عند الطريق الأوسط.

وقرب المغرب فجأة بصينا لقينا طيارة جاية واطية، ووراءها (كولين) من المدرعات والدبابات، مشيوا على يميننا وعلى شمالنا وعمالين يضربوا نار، وبعدين التفوا حوالينا، ونزل منها العساكر الإسرائيليون: سَلِّم يا مصري.. سَلِّم يا مصري.

يسري فوده:

بالعربي؟

محمد حسين يونس:

بالعربي آ.

سعد الدين الشاذلي:

يوم 7 (يونيه) الظهر تقريبًا حصل اتصال، أنا قلت لك: إن الاتصال بتاعي مقطوع، الاتصال بتاعي مقطوع، حصل اتصال من القيادة العامة، وليست من قيادة سيناء، وبيقول لي: أنت إيه اللي مقعدك لغاية دلوقتي، أنت تنسحب فورًا لأن كل القوات انسحبت.

محمد حسين يونس:

وقام أقدم ضابط فينا، وشايل منديل أبيض ورفعه، وقال: طيب خلاص (OK) إحنا مستسلمين. فابتدوا يجهزوا الرشاشات، وابتدوا من ناحية العساكر والصف ضباط، عايزين يضربوهم بالنار، راح الضباط اللي كانوا متخفيين، راحوا قايمين ناطين، وقالوا: لا، دحنا ضباط بقه ما دام حتضربوا دول، جابوهم لي وتعرفت عليهم، وقلت:ده ضابط، وده ضابط..وابتدوا يجهزوا تاني المدافع علشان يضربوا بها العساكر وصف الضباط..

يسري فوده [مقاطعًا]:

عفواً قبل أن تسترسل يعني، كان هذا شاهدته أنت بعينيك؟ أنهم كانوا على وشك أن يطلقوا النار على مجموعة، أو من كانوا يظنون أنهم مجموعة الجنود العاديين حتى بعد أن استسلموا.

محمد حسين يونس:

مزبوط، نعم، أنا حقول لحضرتك على الواقعة اللي بعد كده، لا تدع مجالاً للشك خالص، لأنه هو بعد كده، بصيت لقيت عربية (جيب) جاية، والضابط الإسرائيلي تكلم مع السائق بالعبري، فقالوا لنا: طيب يلا بقه امشوا عشان حنركبكم عربيات، واحنا ماشيين في اتجاه العربيات، واحد من العساكر اليهود بص لي كده، وقال لي: أنت من (الضاهر)؟. قلت له: أيوه من (الضاهر)!! –هو بيتكلم عربي- قال لي: أنا كنت معاك في المدرسة، فقلت له: حتعملوا فينا إيه؟ يعني كنتو حتعملوا فينا إيه؟ قال لي: أنتو حظكم عظيم جدًّا، لأنه قبل دلوقتي، قبل ما ييجي  الضابط اللي جاب العربية (الجيب) كانت الأوامر: اقتل الأسرى، وخذ عددًا قليل.

رمضان عراقي:

يعني برده عشان برده نقول العمر برده لسه، أو ربنا -سبحانه وتعالى- عمل كده، فوجئنا أنو واحد منهم جاي بعربية (جيب) -رتبة إسرائيلي- جاي بسرعة، راح موقف موضوع الكلام ده، ومشاهم، وقومنا قعدنا، وصلنا مطار العريش، في دار بيعملوها ويدخلوا فيها الطيران، هناك دار من الدور كبيرة حوالي 30 متر في 30 متر أو أكثر أو أقل في نفس الحيز، إحنا لقينا في ناس مدنيين قاعدين…

يسري فوده [مقاطعًا]:

مدنيُّين…

رمضان عراقي [مكملاً]:

مدنيين قاعدين، ناس مشايخ، أئمة مساجد، حريم قاعدين في جنب، إحنا طبعا  العسكريين اللي احنا جينا، لقينا دول قاعجين بجنب بعضهم، راحوا مدخلينا، شوف يعني الكفر الزائد بقه.. عشان يدخلونا مكان مش مكان  أسفلت، أو مكان حتقعد فيه يعني؟ جابوا (شكاير) أسمنت، فتحوا الأسمنت وفردوه عشان نقعد في قلب الأسمنت.

سعد الدين الشاذلي:

ارجع إلى التوراة، التوراة بتقول في سفر التثنية الإصحاح رقم 20، بيقول لهم إيه. بيقول لهم: إذا تقدمتم لتحاربوا مدينة فاعرض عليها الصلح، فإن قبلت الصلح فكل الشعب يعتبر مستعبدًا لك، أما إذا رفضت الصلح فحاصرها، فإذا استسلمت لك، وكانت من الأيه؟ من ضمن المدن القريبة، وحدد: المدن القريبة، أو الشعوب القريبة وقال: الكنعانيين والحثيين وكذا.. كذا.، الستة الذين يمكن أن تقول عنهم منطقة الشرق الأوسط.

قال لك: فلا تترك منهم نسمة… اقتلهم جميعًا رجالاً ونساءً وشيوخًا وأطفالاً، التوراة بتاعتهم بتقول كده، ولا يستطيعون أن ينكروا هذا في التوراة، أما إذا كانت من الدول البعيدة فاقتل جميع الذكور، واخذ بالك، أما النساء والأطفال فيكونون غنيمة لك. فليه ده طبيعتهم، والقرآن يقول لنا، وهو يتكلم مع اليهود: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون} [البقرة/74] فلازم أتوقع من إسرائيل كل شيء سيء.

أمين عبد الرحمن:

ما فيش أكثر من إني أنا يقلعني جاكيتتي، ويقلعني سترتي،ويقلعني هدومي، ويقعدني بتحتي -لا مؤاخذة- بالشورت، لما أنا قاعد بالشورت حقاوم ازاي، واحد ماسك سلاحه وواقف، وقاعد على البيتي آر أو المجنزرة بتاعته والدبابة وواقف، حقاومه ازاي؟ حانطح الدبابة، ما فيش مقاومة ماكنش في مقاومة، بيتلذذوا بقتل الأسرى، بيتلذذوا.

محمد حسين يونس:

هو شوف حأقول لحضرتك حاجة، هم عاملوا العساكر بطريقة سيئة جدًّا، العساكر والصف ضباط عاملوهم كما لو كانوا ماشية.

رمضان عراقي:

بدك ميه؟ يقول له: آه بدي ميه، يقول له: تعال، يروح واخده، ومطلع فيه  ثلاث أربع طلقات، ويخلص عليه، يموته، مع السلامة..

محمد حسين يونس:

احنا كنا مية، قمنا خمسين، الجرحى بقه، واللي تعوروا، سابوهم في أماكنهم –مرميين-، سابوهم زي ما هم في الهواء الطلق، حتى بدون دفن، أظن زي ما هم..

يسري فودة [مقاطعًا]:

سابوهم زي ما هم في الهواء الطلق، حتى بدون دفن.

محمد حسين يونس [مقاطعًا]:

لا. خالص. الميتين والجرحى.

رمضان عراقي:

أنا شفت حوالي ستة  سبعة أدامي، اللي يطلب أكل, أويطلب ميه، يُضرب بنفس الطريقة، وبالتحديد في مطار العريش، الناس المدنيين بقوا قاعدين في جنبي كده،  يعني إيه بقوا يبكوا على المنظر اللي شافوا.

يسري فوده:

سيادة الفريق الشاذلي: هل فكرت وسط هذه المأساة في الاستسلام؟.

سعد الدين الشاذلي:

في الإيه؟!.

يسري فودة:

الاستسلام.

سعد الدين الشاذلي:

لا. الاستسلام إيه؟. لا يمكن، لأ أنا لم أفكر في هذا إطلاقا إطلاقا، أنا قلت لك يوم 8 وصلت تسعين كيلو شرق الإسماعيلية، واستلمت الطريق الرئيسي –الأسفلت-، لأن المنطقة دي مش حتنفع لإيه..، الأرض بتاعتها مش حتسمح بالعبور، فهناك الوحدات التي كانت منسحبة قبل مني سايبة دبابات وعربات…

يسري فوده [مقاطعًا]:

سليمة؟.

سعد الدين الشاذلي:

لا، مدمرة. وفي عربيات فيها ذخيرة مولعة، والذخيرة لما بتولع، تبص تلاقي الذخيرة اللي فيها بتنفجر في كل الاتجاهات، واحد من هنا، وواحد من هنا، في كل الاتجاهات، حسب الطلقة، واحدة تطلع الشرق، وواحدة تطلع الغرب، وواحدة كذا كذا. فكان موقف طبعًا صعب جدًا، وإنما لازم تعدي.

أمين عبد الرحمن:

الحقيقة يعني برده من ضمن الصراحة، أن الضابط الذي أخذني أسيرًا أنا والمجموعة التي كانت معي كان أساسًا ضابطًا إنجليزيًّا، ولم يكن ضابطًا يهوديًّا، فأتت العساكر التي معه، اليهود الذين معه، راح شادد (التتك) بسرعة، شادد الأجزاء، لكي يخلصوا علينا فقال لهم: [No]، راح موقفنا في طابور واحد، وطلعنا في عربية، وأخذنا، وسلمنا لوحدة ثانية، وهذا هو الأسر الشرعي، الوحدة الثانية اللي تودينا  في بئر السبع.

محمد حسين يونس:

فابتدى يتكلم معاي، وقال لي: إيه رأيك في اللي حصل؟ فسكتّ، فقال لي: لسه بتحب عبد الناصر؟. فأنا رديت عليه وقلت له -وأنا لا أعرف كيف تم هذا- يعني قلت له: طبعًا بنحبه، شكل من الأشكال، بالطبع نحبه لأن جمال عبد الناصر عمل لنا حاجات كثيرة.

أمين عبد الرحمن:

خلاص احنا ميتين، ميتين، ياتموت.. ياتموت، فتموت بكرامتك أحسن ما تعيش من غير كرامتك.

محمد حسين يونس:

جاء أحدهم، وراح شايل  عن عيني النظارة كنت ألبس نظارة بيرسون، وأخذها ورماها لآخر زميله، إلى الآن ..

يسري فوده:

ليه؟.

محمد حسين يونس:

هذه هي حاجتي الشخصية، شخص أخذها منك، ولم تستطع الدفاع عنها، وما قدرتش تقول له: لا، هذه نظارتي.

يسري فوده:

فما بالك بالأرض!

محمد حسين يونس:

فما بالك بالوطن كله؟ ده الحاجة التي تخصني، الوطن أضاعه ناس ثانية!

مقطع غنائي:

يا كلمتي لفي ولفي الدنيا طولها وعرضها 

وفتح عيون البشر للحصل على أرضها

يا كلمتي لفي ولفي الدنيا طولها وعرضها 

يسري فوده:

بأي وجه تقابل اليوم هذه الأرض؟ بوجه الرابع من يونيه/حزيران وكلك أنفة؟ أم بوجه الخامس من يونيه/حزيران، وكلك انكسار؟ أم ترى تقابلها اليوم بوجه اليوم، وأنت لا تدري اليوم إلى أين أنت ذاهب؟

أثر الأصابع بصمة في وجه مَنْ عرف الكرامة

في كل زاوية جمجمة

وفي كل اتجاه بقايا هيكل عظمي

يحوطني الأعراب…

لكن أذني كانت لا تزال لدى أفواه قتلة آبائنا، إخوتنا، أبنائنا، ولدى شهودهم. من تحدي المعركة إلى تحدي السلام، إلى هذا التحدي الغريب السخيف المؤسف الوقح في آن معًا.

قاتل أبيك يتبجح بجرمه أمام أنفك، وأنت من بعد ذلك في انتظار أن يتعاون معك على إدانة نفسه، ما أرخص الدم العربي! وما أشبه اليوم بالبارحة!

في هذا المكان، بالقرب من مطار العريش، يقول لنا الذي رفض التصوير (جابرييل برون) من سلاح الإشارة الإسرائيلي عام 67:

"صباح السابع من يونيه/حزيران رأيت في مطار العريش بين مائة وعشرين ومائة وخمسين جنديًّا مصريًّا مطروحين أرضًا، مكبلين من الخلف، بين الحين والآخر يدفع واحدٌ منهم للاستجواب أمام طاولة يجلس إليها رجلان ملثمان، بعد استجواب أحد الأسرى، رأيت جنديين إسرائيليين يقتادانه لمسافة مائتي متر نحو الصحراء، أعطاه أحدهما جاروفًا فبدأ الأسير المصري في الحفر، بعد خمس عشرة دقيقة أطلق الإسرائيليان رصاصتين داخل الحفرة، جيء بأسير آخر ، أفرغت في رأسه رصاصتان أخريان في الحفرة نفسها، ثم جيء بأسير ثالث، وأمر بردم الحفرة. رأيت خمسة أسرى يفعل بهم الشيء نفسه!! قبل ذلك بقليل كنت قد سمعت عشر طلقات نارية مشابهة، فهمت أن خمسة آخرين قتلوا بالطريقة نفسها".

[مقطع من مسرحية]

محمد صبحي / ممثل ومخرج:

أنا لو أخذت بديمقراطية رأي المواطن في السلام، فأول ناس آخذ رأيهم هؤلاء العائدون من هذه المذلة والتعذيب، كات نفسي سمع رأيهم، هل هم موافقون على سلام ناقص أم لا؟ لا يوجد أحد يوافق على الحرب، لا يوجد أحد يطالب بالحرب؛ لأن هذا شيء مش طبيعي، ولكن نحن نسعى إلى السلام، ولكن ليس سلامًا مقابل الأرض، الأرض حق، أنت سرقت محفظتي، فَحترُد لي محفظتي الأول وبعدين نتكلم.

إفرايم سينيه/ نائب وزير الدفاع الإسرائيلي:

هذه ذكرياتي، أتذكر جيدًا جنديَ الصاعقة المصري، الذي وجدته في حالة بائسة، لقد كان على شفا الموت، فقمت بمعالجته ونقله إلى مستشفى داخل إسرائيل، لقد كان ذلك بالقرب من (رأس سدر)، وإذا كان يشاهد هذا البرنامج الآن فأنا أطلب منه أن يتصل بي.

[جزء من مقطع تمثيلي]

يورام بنور/ التليفزيون الإسرائيلي المستقل:

في أوقات ما، أو عند بعض الناس، الإسرائيليين اليهود محوا الكيان العربي، لم يعترفون في الرجل العربي كرجل له طموحات، يحب، عنده أولاد، عنده عائلة، لم يتعرفوا بإنسانية العربي، وهذا المصدر، هذا الأساس، ومن هنا بدأ –يمكن_ الأمر لهذا الجنرال (بيرو) الذي رأى مجموعة من الناس، هم بالنسبة له عرب رخاس، وقتلهم يعتبر شيء سهل!

محمد حسين يونس:

أنا شخصيًّا يمكن أن أقبل الثقافة اليهودية بشكل أو آخر، لكن لا أقبل الفاشستية العسكرية الإسرائيلية، المجتمع المبني على تركيبة عسكرية، وبما أنني أنا لن أقبل هذا الكلام في قلب أمريكا اللاتينية، أو في إفريقيا، أو غيرها، فأنا برضه مش حأقبلها في قلب إسرائيل. أنا ضد كل المجتمعات الفاشستية، وكل المجتمعات العسكرية، وكل المجتمعات التي تهين البشر، والإسرائيليون يهينون البشر.

د. أحمد الفنجري:

أنا كتبت كثير، وقلت إننا نحن الذين فرطنا في.. في.. ، نحن فقط نريد مجرد سلام! ده مش سلامًا، اللي  عاوز سلام لابد أن يكون كفؤًا وندًّا، دون وجود توازن ما بينك وبين خصمك، مش حتقدر التفاوض معه، حيكون مش سلامًا، بل استسلامًا، ستكون المفاوضات من موقف ضعيف، صحيح نحن موقفنا حق، نحن عندنا حقوق، نحن نتكلم عن حق، إنما هم بيتكلمون عن القوة، وتكون النتيجة أن القوة تغلب الحق.

سعد الدين الشاذلي:

من ناحية القانون الدولي، القانون الدولي شيء، والذي يطبق شيء آخر، والذي تطبقه إسرائيل شيء آخر آخر كمان يعني.

أم أمين عبد الرحمن:

فانأسر، انأسر هو واللي كانوا معاه، فرحنا ندور بقه عليه، دورت ولفيت بقى، ده كان بيشتغل، وما كانش عندي عيال تشتغل غيره يعني، يجيب لنا قرش ولا حاجة، فرحت على السويس، وويقيت أدور عنه في الجناين.

وأخذت العنوان من واحد هنا، وقال لينا على العنوان، ورنا وقف لي ولاد الحلال،  ورحت إلى الغريب زي ما قالوا لي، وبعدين خدام الغريب بعت واحد معاي، وقال له لفوا معها الشارع، وإن لقيتوهم روحوا عندهم، وإن ما لقيتوش هاتها لي تاني هنا، وطلعت إلى الإسماعيلية، ألف فيها عليه في (الجناين) وما الذي نبحث عنه؟.

الكل كان نكسة بقه، وبعدين كان جيت بقى واحد لا مؤاخذة لابس صليب، وكان هو مدير (الأورطة) باين، طلع قال: يا أمي روحي وااقعدي في بيتك، وإن كان عايش حيلف وييجي ليك، ورجلي كانت -لامؤاخذة- من المشي تخر ميه من طراطيفها أصابعي، وأمشي حافية، وكان معي (جركن) -لامؤاخذة يعني- (جركن) صغير كده على رأسي، وكل ما ييجي عسكري في البتاع ده في الجبل، ويقول لي اسقني، فأقول له: خذ يا حبيبي، ولما ينتهي، أأدور عن حتة خضرة كده، وأعرف أن فيها مياهًا، فأروح إليها، ووأملاها ثاني.

أمين عبد الرحمن:

أنا النهار ده، الدولة هي التي تأخذ الحقوق، واللي بتطالب بالحقوق، وهي التي بينها وبين إسرائيل الاتصالات، احنا لما رفعنا دعوى كان المفروض تجيب لنا حقوقنا منهم، أو تعطينا تعويض معين، احنا برده مازلنا نتعشم في سيادة الرئيس، إنو هو لو عرف بالموضوع مش حيسكت، وأيضًا المشير طنطاوي أنا أعرف أنه رجل حقاني ورجل جادّ، لو عرف الظلم الذي وقع علينا من أن الواحد منا أعطوه شهادة وفاة، ومعها ثمانية عشر جنيهًا، وقالوا له: امشِ ، لن يسكت أبدًا، لا يمكن، مش يسكت.

يسري فوده:

إحساٌس ثقيلٌ، ثقيلٌ، يهبط على القلب، كلما فتحت هذا الباب، ذكرى سيئة، وجرحٌ أسوأ، لكن العزوف عنهما ألف أسوأ، في الجزء الثاني من هذا التحقيق الذي يأتيكم بعد أسبوع نتتبع خطى أسرى مصر من سيناء إلى (بئر سبع) إلى معتقل (عتليت) في شمالي إسرائيل.

حيث يبدأ فصلٌ جديد من المذلة، وجرائم الحرب تُذكِّر القاهرة بأن وراءها رأيًا عامًا في انتظار رد كرامة جيل مضى؛ من أجل ما قدمه؛ ومن أجل ولاء جيل سيأتي.

ونُذَكِّر القانون الدولي بأننا نعرفه جيدًا، وبأننا لن نكون أول من يتخلى عنه، ونُذَكِّرُ (تل أبيب) بأن نظارة ضابط مصري بكل ما تحمله من معنى، ومن مغزى، هي عندنا أغلى من جثة ضابط إسرائيلي اعتدى على بلادنا، وبأنها ربما ستبقى عقبة من نوع خاص في طريق ما يوصف بالسلام.

د. مصطفى الفقي / مساعد وزير الخارجية المصري:

وأذكر الإسرائيليين أنفسهم بأن جرائم النازي ضد اليهود لم تسقط بالتقادم، كيف تسقط جرائمهم في الحرب ضدنا بالتقادم؟.

هم أنفسهم لم ينسوا مَنْ قاموا ضدهم بأعمال في الحرب العالمية الثانية، وحتى الآن لا زالوا يتعقبونهم بالمطاردة القانونية والسياسية، فلماذا يحل لهم ما يحرم علينا؟.

يسري فودة:

حضرتك إنت شوفت الـ..

أمين عبد الرحمن [مقاطعًا]:

آآ، أنا شوفت بنفسي.

يسري فودة:
هؤلاء الذين تربوا على فلسفة الغرب لا يحترمون عدوًا ضعيفًا، والضعيف هو من له حق ولا يصر على حقه، ونحن لنا عندهم ألف حق وحق، وما كنا بأمة ضعيفة، بل كنا أحسن أمة أخرجت للناس.

سيقولون: ها نحن أبناء عم

سيقولون: جئناك كي تحقن الدم

كن يا أمير الحكم

قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك

واغرس السيف في جبهة الصحراء

إلى أن تجيب عليك الجماجم والجثث

كيف تخطو على جثة ابن أبيك؟

وكيف تصير المليك على من حكموك؟

كيف تنظر في عيني امرأة أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟

لو كان لحبات الرمال في سيناء أن تتكلم لما استطعت أنت أن تستمع، كان أبطالنا الذين وقعوا في الأسر عام 67 -أبطال هذا التحقيق- قد وصلوا إلى المرحلة الثانية من بين مراحل ثلاث، يحللها بعين الخبير هذا الضابط المصري.

محمد حسين يونس / نقيب مهندس-1967:

         المرحلة الأولانية: كانوا بيقتلو أي واحد بيقابلونه، وهم بيندفعو.

         المرحلة الثانية: كانوا بيأخذو الأسرى لغاية ما كملوا العدد اللي هم يقدروا [يستطيعوا] يخدموه يعني: طاقتهم الاستيعابية.

         المرحلة الثالثة: كانوا ببادلو العسكري بالبطيخة.

رمضان العراقي / جندي إشارة -1967:

شحنونا في عربيات نقل اللي بتحمل حيوانات، وتحمل بقر، وخلاص ما فيش استعمال آدمي، استعمال آدمي ما فيش ، التعامل كان -ولا مؤاخذة- كأن حيوان راكب، فينا عسكري بيريح جسمه، قاعد مقرفص، ورأسه بين رجليه، ويده على رأسه، مقرفص يعني يده فوق رأسه  وركبتاه من فوق كده، اللي فوق عاين له معانا عسكري عايز يريح جسمه، يادوبو [في لحظة] نزل يده عن رأسه أصابته طلقة؛ لأنه في العالي، اصطاده، مات، هو عاقد وسطنا في العربية. طبعًا خلاص الكل تلم بقى وسكت، قعدنا راقدين في العربيات لحد ما وصلنا (بئر سبع).

محمد حسين يونس:

يعني شويه راحو بئر سبع وشويه راحو حتى ثانية، أنا ما أعرفهاش، لكن شويه ركبو القطر [القطار] ، حطوهم في القطر، العساكر حطوهم في القطرات في عربيات الحيوانات، وكانوا ركبوهم فيها لدرجة انهم كانوا عدد كبير كادوا يختنقو جوه العربية،لا..ده النقل من سيناء إلى (بئر سبع) ده كانت كارثة.

أمين عبد الرحمن:

وفي (بئر السبع) يوم 18 ويوم 19، عما لين ايجمعوا  في أسرى، جابو عشر عربات لوري كبار، حمّلوهم أسرى، واللي راحو ضربوهم بالنار، كان (موشى ديان) واقف، هوربنا سينتقم منه برضو، لأن دا قائد ومسؤول.

محمد حسين يونس:

لما نزلت من العربية كنا في وسط صفين من العساكر يضربوننا بالشلاليط، وبعدين تبص تلاقي كحكة، عارف الكنافة الشرقي اللي ملفوفة دوائر، دوائر دوائر بصينا القينا دوائر دوائر ملفوفة كده، عبارة عن بني آدميين نائمين، نائمين في دوائر.

يسري فودة:

جنود مصريين؟.

محمد حسين يونس:

جنود مصريين، وضباط، وصف ضباط.

يسري فودة:

من كتائب أخرى؟.

محمد حسين يونس:

من كتائب آه، ده كان مكان تجمع الأسرى، مكان تجمع الأسرى، كان دول بقى يمكن  حوالي من ألفين إلى ثلاثة آلاف واحد،

يسري فودة:

من ألفين إلى ثلاثة؟!

محمد حسين يونس:

شيء مرعب، كمية مرعبة من البني آدمين، والكشافات مسلطة على الناس، ويضربوا الرصاص من تحت لفوق  بحيث إنه مافيش حد يقدر يوقف.

يسري فودة:

في هذه الأثناء كان الذي كان يومها لواء الفريق سعد الدين الشاذلي قد قطع سيناء كلها في يوم وبضع يوم بألف وخمسمائة رجل، ولم يخسر من رجاله ومعداته سوى حوالي عشرة بالمائة.

وفي هذه الأثناء كذلك، كان الإسرائيليون قد تمكنوا من المدنيين المصريين، هنا في مدينة العريش، ارتكبت شراذم إسرائيل بعضًا من أكثر فظائعها فظاعة بحق آلافٍ من العزل الآمنين. هكذا يتذكر الحاج عبد الكريم يوسف الجعفري الذي تطوع وقتها للعمل مع المخابرات الحربية المصرية، واستحق عن ذلك واحدًا من أعلى درجات التكريم.

عبد الكريم يوسف الجعفري / المخابرات الحربية -1967:

طبعًا كتلوا [قتلوا] كثير ملكيين،

يسري فودة:

مدنيين؟!

عبد الكريم يوسف الجعفري:

[المدنيين] وكتلوا الجيش برضو بكثرة..

يسري فودة:

ويعني القتلوهم ديل كانوا مستسلمين؟.

عبد الكريم يوسف الجعفري:

مستسلمين آ طبعًا، يضربوهم بالنار على طول، لموا اللي لموه في عربيتهم، وأخدو طبعًا، والله أعلم ودوهم فين؟ كتلوهم، موتوهم ما نعرف شي راحو وين.

يسري فودة:

كم واحد من البلد تقريبًا يا حاج؟.

عبد الكريم يوسف الجعفري:

تقريبًا أخذوا من المنطقة ديت حوالي 250 نفر، ما نعرفش وين راحوا.

يسري فودة:

لحد اليوم؟.

عبد الكريم يوسف الجعفري:

ما بنعرفش.

خلف المنيعي / من أهالي العريش:

طلعنا حوالي 2 كيلو أو 3 كيلو خارج البلد، فجاءت علينا طائرات إسرائيلية، فاكرينها تضرب فكانت كل يوم تضرب منشورات؛ لأنه غالب الناس كانت أيه؟ لابسه  ملكي [مدني]، فأيامها أنا كنت أعرف أقرأ الكتابة، فكان مكتوب فيها، ارفعوا الرايات البيضاء، وعودوا إلى منازلكم، جيش الدفاع الإسرائيلي لن يفعل لكم شيء.

عبد الكريم يوسف الجعفري:

مسكوا الفرد، ادوه ضرب بعدد شعر رأسه، ضرب بارح يعني، يعني كانوا كوموا تقريبًا حوالي خمس أو ست عصيّ، أو ثماني عصيّ من العصاية الثخينة، كسروهن عليَّ، أنا بنفسي يعني، وكووني بالسيجارة، صورتها باقية الحين، سيجارة! ودوني -لا مؤاخذة- حقنة عشان يعذبوني أكثر، وقاموا علي بالعصا دق على التربيزة [الطاولة].

خلف المنيعي:

يومها كان اثنا عشر عسكري كانوا ماشين في منطقة الميدان، ومجموعة ثانية كانت حوالي سبعة عشر واحد سبعة عشر عسكري، برضه ماشين، والمنطقة فيها 16واحد، كانوا قاعدين كده تحت الشجر، شافوا طائرة (هليكوبتر): استسلِموا، استسلِموا، فسلموا. كانوا مسالمين، نزلوا من الطائرة طخوهم كده، موتوهم قاعدين. و12 واحد كانوا كانوا ماشين على الطريق برضو رافعين رايات بيضاء كده، لحقتهم دورية إسرائيلية -مسالمين- فصفوهم طابور كده رموهم..طخوهم بالنار، وموتوهم.

محمد حسين يونس:

في المعسكر الجديد بتاع  (بئر سبع)، جاء القائد بتاعو، القائد بتاعو قُصيِّر كده، وبيمشي مشية جامدة زي النازي، ضابط نازي يعني، وبيلبس نظارة من بتاعت الجستابو، ده السوداء خالص، وبينطق كلمات قُلَيْلة جدًّا، ولكن بتتحول بسرعة لقرارات، فقلنا له: يعني الدنيا شمس وبرد، قال: للضباط خيمة، ونعمل لهم دورة ميه ميداني يعني عبارة عن خيمة تتعمل بحفرة، ونرسل حنفية مياه، والعساكر لا.

رمضان العراقي:

ابتدوا  ركبونا قطر [قطار] بضاعة، فنحن بقى جنب السكة حديد، ركَّبونا قطر بضاعة..عربات مقفلة تمامًا لا فيها لا نفس، ولا خرم إبرة.

يسري فودة:

كم واحد كان في العربة الوحدة؟.

رمضان العراقي:

العربية الوحدة لا يقل عن 200 واحد فيها، أو 300 واحد، أو 250 واحد، يعني عدد حسينا إنا احنا راكبين فوق بعضنا، ما فيش تهوية، فيش نفس.

أمين عبد الرحمن:

وبعدها أخذونا في عربيت عريانه مكشوفة ما عليهاش مشمعات، وقعدت العربيات ده تجول بنا من بئر السبع إلى شمال إسرائيل إلى منطقة عتليت بالطول، موقفين أطفال المدارس في قزايز مكسرة، صارو يحتفونا بها، ونحن جوه العربيات.

رمضان العراقي:

طبعًا، غنائم ما خذينها، فرحة، الأهالي طلعوا علينا، اللي خرج علينا بالطوب، واللي خرج علينا بالضرب.

محمد حسين يونس:

لما قربنا ناحية بوابة عتليت، كان موجود عدد ضخم من الشبان والشابات واقفين، استقبلونا؛ وكانوا يضربوننا بالطماطم وعلب الحاجات الساقعة [الباردة] الفارغة، ويشتمو، فابتدوا يشتمو فجمال عبد الناصر طبعًا، وفي أم كلثوم، وفي النبي محمد، شتائم.. شتائم عنيفة جدًّا، فتحت البوابة ودخلنا لقينا نفسنا في الجنة.

رمضان العراقي:

قال لك كل اللابس-لامواخذة-جزمة يخلعه، ليش خلعنا الجزمة ولازم تنفذ بقى، قلنا حاضر، قال لك: كل الناس طوابير خمسات خمسات..كله خميش، خميش يعني ، خمسات خمسات هكذا الأرض.. ناس يقولو فرشوها بالرمل، فرشوها بالبازلت المدبب، بقينا نمشي على أصابعنا، شويه على رجلينا، شويه على كعاب رجلينا من البازلت اللي بخش فرجلينا واحنا ماشيين. من المنطقة..من السكة الحديد لحد ما وصلنا المعتقل حوالي 2 كيلو!!.

يسري فودة:

2 كيلو على البازلت دا؟!.

رمضان العراقي:

نعم 2 كيلو على البازلت دا.

يسري فودة:

هل المنطقة تصادف أن هي فيه بازلت، أو أنت حاسس أنهم عامدين؟.

رمضان العراقي:

لا.. أنا حاس انه هو معمول متعمد، مش محطوط كده هوت .. ماهو قال لك انزع الجزم -لامواخذة-، طيب معنى انزع الجزم أيه ؟.

أمين عبد الرحمن:

كان فيه أسرى، القيت الأسرى كلهم في المعسكر دا، رجليهم دي بتخر دم  في الأرض وهم ماشين، فطبعًا اول ما دخلت خلعوني -لا مواخذه-، لابس جزمة تخلعها وتمشي على الشوك ده، أيه ده؟ طيب الزاي انتو بتمشو على الشوك دا الزاي ؟ قالوا: احنا هنا بقى لنا كم يوم واحنا كدا. طيب ما بتاكلوش؟ قالوا: لا، عساكر مرمية، حاجة فضيحة.

رمضان العراقي:

وفي آخر النهار، طبعًا الجوع بقى،عايزين نأكل، فراحو جايبين لنا بنات شبه عراه يعني، كل واحده معاها زمبيل اللي هو المقطف ده  مليانء بقشر برتقان، وكانوا يرمون لكل معسكر مقطفين قشر عشان ناكلوه.

يسري فودة:

قشر برتقان؟!.

رمضان العراقي:

قشر برتقان، البرتقان اليافاوي ده القشر بتاعو بقينا نأكله، أكلنا القشر!

أمين عبد الرحمن:

عنبر كبير كده، فكنا تقعد  على البلاط طول الليل في الثلج، وبالنهار بالأمر تخرج، تجلس في الشمس طول النهار.

يسري فودة:

العنبر دا كانت مساحة قد أيه؟ و عددكم كان قد أيه داخل العنبر؟.

أمين عبد الرحمن:

كل عنبر كان به 100 ، بس هو يمكن  مثلا مساحته حوالي 100 متر؛ لأنه كان كل واحد بينام جنب الثاني، ويدفئ نفسه بظهر الثاني، ما كان شي فيه مكان، وكانت دورة وحده.. دورة ميه وحدة للثمان عنابر.

محمد حسن يونس:

حفرة. (ترانش) محفور، حفرتين قصاد بعض، وحاطين ألواح من الخشب فيها فتحات، ونقعد كلينا قصاد بعضينا لقضاء الحاجة، أنت قاعد وشاييف اللي قصادك، وشكله أيه، طبعًا ده شيء مرعب جدًّا، مش ممكن تخيل أنك أنت قاعد وشايف زميلك عمال يقضي حاجته قصادك، خصوصًا وأنها مدة محدودة، اللي بينسمح لنا فيها أن نحن ندخل دورات الماي.

أمين عبد الرحمن:

دورة ميه مكشوفة عبارة عن لوح خشب كبير قوي قوي، قوي.. فيه خروق كده، ولا مؤاخذة. الكل يقعد جنب بعض وقدام بعض.

يسري فودة:

ثمان عنابر في كل عنبر 100، يعني 800 فرد على دورة مياه واحدة.

أمين عبد الرحمن:

على دورة مياه واحدة، وحنفية ميه وحده لشرب في الثمانية عنابر،هي شغالة كده من فوق، وتضع بقك كده، وتشرب.

محمد حسين يونس:

قيس على كده كل حاجة،الأكل في الأول كان يجيب (الآزان) بتاع الأكل [إناء كبير يوضع فيه الطعام] ويسيب وسط الناس، تقوم الناس تهجم عليه، اللي يلحق ياخذ واللي ما يلحق ش ياخذ خلاص.. يجوع.

رمضان العراقي:

عيش توست، كل 12 رغيف، كل 12 فرد رغيف يقطع ، وكل فرد يأخذ نصيبه من الرغيف.

محمد حسين يونس:

في تطور، في البداية عمل ضغوط شديدة عليك بحيث إنك تنسحق، يعني يبقى فيه شكل من أشكال السحق النفسي، يبقى الشعور بالدونية الشديدة جدًّا.

أمين عبد الرحمن:

فجاء دورنا في الاستجواب، هو بيوخذ الواحد يستجوبه، ويعرف ما هو السلاح التابع له، ويعرف درجة ذكائه، ويعرف درجة.. ويأخذ منه عينة دم، ويعرف درجة قوة صحته، ويعرف كل الحاجات دي، بيثبتها عنده، وبعد كده ايجي ينده، فيه ن اس تروح تسأل وتيجي، وفيه ناس تروح تنسئل ما تجيش.

محمد حسين يونس:

كان بحط تصنيف  تفصيلي للحياة في قلب مصر، طبعًا جزء منها مخابرات عشان يبقى يعرف الزاي يتحرك؟ لكن الجزء الآخر هو بصنف الشعب المصري.

يسري فودة:

طيب، فصيلة الدم، ما دخلها؟.

محمد حسين يونس:

مش عارف.

أمين عبد الرحمن:

أتهمهم بالتجارة في أعضاء الأسرى، وأتهمهم رسميًّا، لأنني عندي رمضان محمد رمضان من (البحيرة) كان معاي، وكان قاعد يأكل معاي، أول يوم أخذوه، وأخذوا منه عينة دم، ثاني يوم جاء، معمول عملية، ما كان شي عيان، بعدها عملت مشكلة وعملت دوشه وقلت الزاي يحصل كده؟ خذوه، خذوه، ما جاش!!.

يسري فودة:

هل سمح ليك أو لأي حد من الأسرى إنه يتحدث بشكل منفرد مع أي ممثل من ممثلي الصليب الأحمر؟

رمضان العراقي:

لا، ما فيش حد تحدث معاهم إلا لما حصلت المظاهرة.

أمين عبد الرحمن:

كان حصلت  لي مشكلة مع برضو..المشاكل وراي وراي مع الاثنين الحرس، فطبعًا نحنا جينا متأخرين، وكانو طبعًا لينا معاملة خاصة بالكرباج ، فجاء يتعامل معاي، فأنا طبعًا هو إيده طويلة، وأنا (عايز) العيشة..  أنا كانت يدي طويلة زيو.

رمضان العراقي:

سبب المشكلة الكبيرة، لما جا عسكري بيفتح الشباك، عشان  اجيب ميه، راحوا ضاربينه طلقة طيَّروا له أيه؟ ذراعه. خرجت كل العنابر بالصفافير، الكل بلغ بعض، خرجت كل العنابر، الخمسة آلاف أسير، خرجوا كلهم في مظاهرة، يعني المظاهرة دي بدأت من حوالي الساعة 9 بالليل تقريبًا، استمرت لحد قبل الفجر، شادين بقى كلنا مظاهرة جامدة، وعندما وجدوا هذا، قالوا اللي حيسكتهم بقى اللي هو رجل رتبة منهم، فحقيقة يعني احترامًا للراجل المصري في نفس المنطقة.. اللي قال لنا: إخواني، الأسرى المصريين! أنا اللواء صلاح ياقوت نرجو الهدوء، وكل طلباتكم حتتنفذ، ومعنا مناديب من الصليب الأحمر، ومعنا وزير الدفاع، ورئيس الوزراء، وكل مطالبكم نمر عليكم عنبر عنبر ونشوف مطالبكم أيه؟.

محمد حسين يونس:

ويأتي محاضر، واحد محاضر أعمى، وجاي قاعد عمال يتكلم على العلاقة بين اللغة العربية واللغة العبرية، وإنا احنا أولاد عم، وأن احنا قرايب، وأن اللغة شوفو: أنتم بتقولوا واحد احنا بنقول آحاد، أنتم تقولون اثنين احنا انقول اشتايم، أو ما عارف أيه؟

احنا بنقول شموني أنتم تقولوا ثمانية، وكدا، وقاعد جايب مجموعة من الأمثلة كثير، وبعدين في الآخر يقعد يعيط، ويقول احنان نفسينا أن احنا نعيش في سلام، نحن نفسي نطلع من الخنادق وإنا نعيش سوا، الطريقة في الكلام بتضع بشكل أو بآخر، لا بد أنها تجيب تأثير على الرجل الأسير ده هو اللي هم وضبوه، بحيث إنه يقبل هذا الكلام.

يسري فودة:

يعني تتذكر لي بعض الأمثلة إن كانت هناك أمثلة لمن يمكن أن نسميهم ضحايا لأساليب التخطيط الفكري النفسي من جانب الإسرائيليين، سواء في مراحل الهدم النفسي الأولى، أو في أسلوب الخطاب بعد ذلك وفي أساليب التعامل.

محمد حسين يونس:

بعد ما رجعنا من الأسر. وواقفين هم سابونا في الكلية الحربية شوية، وقف واحد دكتور من الأسرى يصلي، وفجأة بص في الصلاة كده بص الى ربنا كده-سبحانه وتعالى- وقال: ده عمايلك يا ظالم..ده، وانفجر عمال يتخانق في الصلاة مع ربنا. مش واحد بقى كل الأسرى، حتى الآن عندهم مشاكل نفسية، بما في ذلك أنا بالطبع، أنا ما أقبل شي دا الوقت أن يقوم واحد يمد يده لو كان عندي علبة سجائر أيام كنت أدخن- ويأخذ سيجارة من علبتي، أنا أدي له العلبة كلها، لكن يأخذ سيجارة من علبتي..لا، ولما..يعني أنا مش بخيل يعني، لكن لما أفحص هذا الموضوع، وجدت أن السبب أن الرجل نفش من على عيني النظارة، وأصبحت دي موجودة لغاية ده الوقت عندي، مشاكل كثيرة جدًّا، مشاكل نفسية، مش ممكن نسيانها.

يسري فودة:

إذا كان جانب من الإسرائيليين يستحق اللعنة، فإن جانبًا آخر يستحق الشكر، فقط عندما فتش هذا الرجل في الوثائق السرية لوزارة الدفاع الإسرائيلية عام 94، فقط، عندما اهتمت بالموضوع بعدها بعام كبريات الصحف الإسرائيلية، بدأنا نحن نتحرك، أم ترانا تحركنا؟!.

موتي غولاني / أستاذ التاريخ -جامعة حيفا:

أتدري شيئًا؟ لقد أثار رد الفعل المصري فضولي، لدي إحساس بأن الذي ضايقهم لم يكن حقيقة أن جنودًا إسرائيليين قتلوا أسرى حرب مصريين، لقد كانوا يعلمون، ولم يكونوا بحاجة إليَّ أو إلى أحد من زملائي، كي يخبرهم بذلك، إننا نحن الإسرائيليين مازلنا نبحث عن جثث جنودنا في حرب 48، وهو شيء لا تجده في العالم العربي، فماذا إذن عساه يحدث لو طالب الشعب المصري حكومته بالبحث عن ذويه؟ ولذا لم ترغب الحكومة المصرية في سماع المزيد، وإنما قالت: حسنًا، أعطونا تقريرًا تعترفون فيه بأنكم أشرار، وبأنكم أخطأتم، نعرضه على شعبنا، ودعوا الأمر ينتهي.

يسري فودة:

اتصلنا بالسفير المصري في (تل أبيب) محمد بسيوني، طلبوا أسئلة مكتوبة عن طريق الفاكس، بعثنا بها، ثم اتصلنا مرة أخرى، جاءنا الرد اعتذارًا عن عدم الحديث.

ياسين سراج الدين:

زي ما بقول المثل البلدي عندنا: الباب اليأتيك منه الريح سِدّه واسترح، هو نوع من العجز، العجز إنما جاءني الرد عن طريق الأمانة العامة لمجلس الشعب، أن وزير الخارجية يقول يعني، بالنسبة للمجرمين الذين ارتكبوا هذا الجرم، الحكومة الإسرائيلية يعني بتحقق في: من هم؟ من هم أيه؟ ما هم بيحكموا الآن إسرائيل يعني (باراك) شخصيًّا الآن أحد هؤلاء، و(بيريز) وغيره وبعرفش مين(نتنياهو) وكل هؤلاء.

يسري فودة:

وإيرييل شارون، وإيتان.

ياسين سراج الدين:

وأنت تعرف الحاجات دي كلها، فأما موضوع التعويضات فهو موضوع محادثات بين الحكومتين، محادثات؟! هي محادثات سلام كمان؟!.

د.مصطفى الفقي:

هو كما تفضلت، فهي ليست مسألة دبلوماسية خالصة ولكنها مسألة وطنية بالدرجة الأولى، ولا نستطيع تناسيها، لأن الرأي العام لا ينساها، لأنها بتمسه مساس عاطفي وإنساني وتاريخي وحضاري، وبالتالي الخارجية المصرية تحركت في البداية. أولاً على مستويين، مستوى مع الجانب الإسرائيلي أدى إلى أن شكل (شيمون بيريز) رئيس الوزراء التالي لرابين في نهاية عام 95، لجنة إسرائيلية لبحث هذا الموضوع، وما سربه بعض الإسرائيليين عن ذكرياتهم في حرب 56، وحرب67، هذه اللجنة ظلت تبحث من 95  -حسب معلوماتنا- إلى 98، وانتهت إلى تقرير يبدو أنه تقرير يثبت عدم وجود أدلة! وهذا متوقع طبعًا من الجانب الآخر، ولكن لم نبلغ بشيء حتى الآن.

إفرايم سنيه:

لا أستطيع الإجابة الآن، فلا علم لي بهذا التقرير، ولم أره، أعلم أنه موجود، لكني لم أقرأه، ولا أستطيع الإجابة.

عمير أورين:

توصل جنرال متقاعد (أهارون بيرون) الذي عينه رئيس الوزراء آنذاك (شمعون بيريز) لكتابة التقرير، توصل إلى نتائج مشابهة لما نشر، وهي أن ثمة أسرى أُسيئت معاملتهم، وأن أفعالاً مشابهة -ربما أيضًا- قام بها المصريون ضد الإسرائيليين، ورغم عدم وجود دليل على ذلك، رفع هذا التقرير برمته إلى السلطات المصرية، وهي حرة في الكشف عنه ونشره إن شاءت.

جلال دويدار:

أنا أعتقد أن الظروف: ظروف الاحتلال، وظروف التطورات على الساحة العالمية، وأنك تحارب عشان تستعيد أرضك.. وكل الحاجات دي كلها ساهمت في هذا، يعني لكن يعني زي ما قال عمرو موسى وسئل السؤال دا، وقال إن ملف القضية دي مفتوح، وإن مصر لم تغلقه، وحييجي الوقت اللي حيفتح فيه، زي نهب ثروات سيناء.

د.مصطفى الفقي:

وبالتالي لا علاقة لهذا الملف باحتمالات التسوية ومسيرة السلام، هناك ملفات كثيرة سوف تفتح أيضًا، إسرائيل استنزفت بترول سيناء، إسرائيل قامت بحفريات أثرية في سيناء، قس على هذا في كل الأرض العربية المحتلة.

نواف مصالحة:

أنا آمل أن يتركوا ذلك، ولكن إذا أصرت.. إذا أصرت الحكومة المصرية فليس الباحثون، لأن الباحثون لا يمكن أن يروا الأسرار الآن، الأسرار هذه مخبأة من الجانبين، ولكن -كما قلت- إذا أصر أي طرف -مثلاً الطرف المصري- يستطيع بحث ذلك مع الطرف الإسرائيلي، مع المسؤولين وليس الباحثين.

يورام بنور:

بالنسبة للجان تحقيق تشكل من قبل حكومات، ولجان تحقيق تشكل من قبل حكومات إسرائيلية، إلها لقب عندنا، بتسموها -هذه الكلمة من الممكن أن تكون غير ملائمة للتليفزيون- تسمونها لجنة (غ، ط) معناها غطى (…) أو غطى على التهمة، هذه لجان معناتها أن تغطي القضية، مش تكشف القضية، وهذا يرجع حتى إلى لجنة تحقيق تبحث الفساد الداخلي إسرائيلي، مش فقط على أمور إسرائيلية عربية اللي هي أكثر حساسة.

محمد يوسف العقيد:

أنا أرى أن يتم تحريك الأمر على مستوى المحافل الدولية، وأن تقوم بذلك لجنة شعبية مصرية، تتبناها نقابة المحامين، تتبناها إحدى منظمات حقوق الإنسان التي تملأ مصر، أنا ياريت لو أنه فيه إرادة عربية الآن، إنما للأسف لا توجد، ياريت يبقى في (دير ياسين)، يبقى في (كفر قاسم)، يبقى في (قانا)، يبقى في (بحر البقر)، يبقى في طائرة (سلوى حجازي)، ويبقى في أسرى 67، يعني يبقى في نوع مما فعله الصهاينة بنا كعرب، وليس كمصريين.

حافظ أبو سعدة:

وأنا قلت إنه لا بد أولاً من توفر إرادة سياسية تعتقد بصحة وبمصداقية أو بأهمية المطالبة بهذه الحقوق، وبأنها غير قابلة للمساومة تحت أي حسابات سياسية في هذه الحالة يمكن أن..

واثنين: أنا رأيي أن الرأي العام في مصر لا بد أن يتحرك ليضغط على قيادته من أجل المطالبة بالمحاكمة، مش محاكمة فقط، المحاكمة، والاعتذار لمصر وللشعب العربي بشكل عام عن هذه الجرائم، والتعويض لأسر الضحايا.

يورام بنور:

بلا شك..يجب إذا مصر -في وقت من الأوقات اقترحت- فكرة الاعتذار والتعويض هذا شيء أخلاقي أساسي في العلاقات بين أي واحد، بين أي ناس إذا فيه اقتراح لازم إسرائيل توافق، وتشكر مصر حتى على هذا الاقتراح، لأنه اقتراح إيجابي، وهذا زي الرماز [الضوء] الأخضر، تقول مصر لإسرائيل تفضلوا امشوا، مهدنا الطريق، فاذهبوا إلى التسامح، وإذا إسرائيل رفضت هذا  غلط عظيم، لا أفهم معناه، مَنْ ينصح لرؤساء الحكومة الإسرائيلية بالشؤون العربية من المستشارين، فلا يعلمون أين يعيشون؟.

وهم يجب عليهم أن يكونوا مستشارين للشؤون الأمريكية، وليس للشؤون العربية، يعني أي واحد  بيعرف الأخلاقية العربية، والحياة في الشرق الأوسط، والشرف العربي، والشرف الإنساني مش عربي، لا زم أن يقبل هذا الاقتراح بيد مفتوحة، ويقول له: يا مائة أهلاً وسهلاً، أنا مستعد أن أنفذ غدًا.

يسري فودة:

بشيء من هذه الروح، مؤمنًا بأن له حقًا أخذ منه عنوة بالقوة، قرر الأسير المصري -المنسي كغيره- أن يستعيده عنوة بالقانون، يقتات اليوم، وأسرته الممتدة على فتات سيارة أجرة، هو نفسه أجير عليها، أفلت بها ذات يوم من زحام القاهرة إلى زحام المحاكم، فأقام عام 95 دعوى قضائية أمام محكمة جنوب القاهرة بحق (إسحاق رابين) و(إيرييل شارون)، والقاتل المعترف (إرييه بيرو).

أمين عبد الرحمن:

يعني أنا الوقت ده السبب في أني رفعت دعوى على إسرائيل أنني كنت في السعودية، وكنت -لأجل حظي- في شركة نقل حجاج، إدت أتوبيسات للجيش السعودي، كان ينتقل بها أسرى عراقيين، من الحدود لمنطقة في السعودية اسمها (القرطاوية)، في المنطقة ديت شفت معاملة الجيش السعودي للأسير العراقي، كانوا بيدو لهم خرفان يذبحوا وياكلوا لحمة مشويه ويدوهم سجائر ويدولهم كل حاجة.

وكانوا عايشين أحسن عيشة، فقلت: الله! أنا كنت أسير عند إسرائيل، ما عاملوني كده ليه؟ والله لأرفع عليهم قضية.

يسري فودة:

لكن دعوى أمين عبد الرحمن رفضت على الفور، كما رفض غيرها بحجة عدم الاختصاص، قضيته بين يدي الله، ومعذبه بين يدي الشيطان، وهذه الدعوى بين يدي الدولة.

جمال اللبان:

بحكم مسؤوليتي كرئيس لهيئة قضايا الدولة، بدأت أستعد لـ ..فيما لو طلبت مني الدولة رفع إقامة هذه الدعوى، وبدأت أجمع جزء من الموضوع، أولها اتفاقية (جنيف) سنة49، وتعديلها الذي تم سنة 98، وكل ما نشر من مقالات أو أبحاث في الموضوع ده جمعته، وعملت فايل احتياطي.

يسري فودة:

من يومها انتظر محامي الدولة تلك المكالمة الهاتفية بالتكليف، مَرَّ أكثر من خمس سنوات، نسى هو نفسه أنه كان في انتظار مكالمة.

إفرايم أسنيه:

انظر، لو أراد مواطن مصري أو عائلة مصرية مقاضاة أحد فلا أحد يمنعهم، إنه قرارهم، لو شعروا بأن الحق معهم فليفعلوا، لا يجب عليهم الخضوع لأي أوامر سياسية للقيام بذلك، إنه قرارهم!!.

زكي جمال:

ربما القضاء الإسرائيلي قد يجد المنفذ لتقديم هؤلاء المجرمين، حتى وإن كان الزمن قد أخذ على هذه الجريمة الكثير الكثير، ولكن هذا موضوع يجب أن نضعه أمام القضاء الإسرائيلي ليقول كلمته، وإن كان القانون، القانون هو -في الأساس- تفسير روح القانون.

جمال اللبان:

نحنا بصدد اتفاقية دولية، فاللي بيحكم التقادم فيها أحكام هذه الاتفاقية، فإذا كانت الاتفاقية بتقول ما فيش تقادم، يبقى نص القانون الإسرائيلي لا يطبق، لأن نحنا بنحاكمهم، أو بنطالب بحقنا قبلهم استناد لأحكام الاتفاقية، وليس استنادًا لأحكام القانون الإسرائيلي.

نواف مصالحة:

لا، في النظام الإسرائيلي أن هناك تقادم على الجرائم بعد سنوات عديدة، ولذلك لا يمكن محاكمته، ولكن يمكن استخلاص العبر إذا كان مسؤولية، إذا كانت المسؤولية على مسؤول إسرائيلي، سواء كان قائد كبير أو ضابط صغير!!.

د.مصطفى الفقي:

أنت تتحدث عن مفهوم التقادم، مفهوم التقادم ينسحب في القانون، ولكنه لا ينسحب على جرائم الحرب، وأذكر الإسرائيليين أنفسهم بأن جرائم النازي ضد اليهود لم تسقط بالتقادم، كيف تسقط جرائمهم في الحرب ضدنا بالتقادم، هم أنفسهم لم ينسوا من قاموا ضدهم بأعمال في الحرب العالمية الثانية، وحتى الآن لا زالوا يتعقبونهم بالمطاردة القانونية والسياسية، فلماذا يحل لهم ما يحرم علينا؟.

إفرايم أسنيه:

أعتقد -بل أنصح- بوضع حد لهذه المقارنة الغبية الشنيعة فورًا، لا، أنصحك بالتوقف،(OK) مفهوم؟

د.أحمد الفنجري:

شوف البجاحة، البجاحة إنه بيرفع قضية لاسترداد دكان، ومش مهم عنده الناس اللي ذبحهم وقتلهم.

جلال دويدار:

وبعدين إنت تقول لي ديمقراطية في إسرائيل، وحضارية.. أين هي الحضارية؟. أين هي حقوق الإنسان؟. اللي يعمل عملية جريمة زي دي يبقى أيه؟.  يبقى يعني إنسان متوحش؟ لا يمكن إنسان أنك تيجي واحد أسير، ما معه سلاح وتقتلو، وبعدين تقول لي: حضاري، حضاري من أين ؟.

زكي كمال:

الجندي النفر أو الضابط أو الموظف الذي يقوم بأي عمل قد يكون نتيجته أضرار للآخرين، فإذا كان هذا العمل قام به وفقًا لأمر، فهذا الأمر يعطيه أيضًا الحصانة بعدم تقديمه للقضاء في قضايا التعويض.

جمال اللبان:

المادة 12 من اتفاقية (جنيف) في سنة 49 تقول: يقع أسرى الحرب تحت سلطة الدولة المعادية لا تحت سلطة الأفراد، أو الوحدات العسكرية التي أرسلتها، معنى هذا أن الدعوى حترفع ضد الحكومة الإسرائيلية، سواء كان الضابط أو العسكري اللي ارتكب الفعل المؤثم عايش أو مات.

يورام بنور:

إذا بدنا نعمل هذه المقارنات؟ إسرائيل طالبت من ألمانيا في فترة ما اعتراف بالجرائم، هون فيه اعتراف إسرائيلي بالجرائم؟!.

داني وولف:

الحرب قذرة، لو كانت مصر قد احتلت إسرائيل فإنني متأكد من أن آلاف الآلاف من الأطفال والنساء كانوا سيقتلون، ويغتصبون، الجميع يعلم ذلك، لو حدث، وقام هؤلاء الفلسطينيون باحتلال إسرائيل سيكون هناك حمام من الدم!.

نواف مصالحة:

في الجبهة السورية عام 73، وفي مصر، لم يجدوا حتى اليوم لا الجنود، ولا جثثهم، فإسرائيل تحاول بطرق دبلوماسية، وبواسطة العالم أن تتحدث عن المسؤولين في مصر، وفي سوريا ولبنان، من أجل التعاون لإيجاد جثث، أو إيجاد هؤلاء الجنود أحياء.

غيور أروم:

كنت داخل قميص من الجبس، رجلاي وذراعي اليسرى، وقضيت وقتًا طويلاً في الحبس الانفرادي، ومنعوا عني أحيانًا الطعام والماء، ومررت بجميع أنواع ما يوصف بالتعاملات الجسدية، لإجباري على إجابة الأسئلة، لقد كانت تلك حقًا فترة عصيبة من حياتي.

د.مصطفى الفقي:

غير صحيح، أستطيع أن أؤكد أن التقاليد العسكرية المصرية العريقة صاحبة التاريخ الطويل، في احترام الاتفاقيات الدولية، واحترام أسرى الحرب، فلا يمكن لمجرد اعتراف أحد الطرفين بجريمة معينة أن يكون رده رد هجومي على الجانب الآخر، واتهامه بنفس الشيء بغير سند ولا دليل.

علي سالم:

أصله عاوزين نبه لشيء، السلام ليس لحظات هانئة، السلام إجراءات تفاهم على مصالح مشتركة، من مصلحتي إنه إسرائيل في تصوري شويت مجرمين، ومن مصلحتها أيضًا، ومن مصلحتي أقول لناسي: إذا في شخص ارتكب جريمة، هذا الشخص بيحاسب، والظروف كانت كذا، وأعتذر بكذا.

مقطع من مسرحية:

ولك أنا ابني مات شهيد على الأرض دي الزاي أروح لهم برجلي أنا معاك، ونا معاك

محمد صبحي:

أنا غير مقتنع قناعة كاملة بأي متر تقوم عليه إسرائيل، ولكن إذا قبلنا هذا المر فعلينا أن نقبله بلا إنقاص لكرامتنا، عندما تضمن الأمة العربية أننا في سلام مع إسرائيل، ليس خوفًا منها، وإنما هو شرف عروبة.

علي سالم:

قل لي: والله أنا مضيت [وقعت اتفاقية] معاهم مش ناوي أنفذ، قول لي كده، قل لي: أنا مضيت معهم ودي هدنة، أقول لك: آه، هي هدنة، طيِّب، أيه الإهمال بتاعك ده؟. من فضلك يا لله ادهن لي لجزاز  أزرق، يالله اعمل لي الحيطان قدام البيوت، يالله اعمل لي تجنيد إجباري للبشر، يالله اعمل لي اقتصاد حرب، وإلا حأتهمك -لا مؤاخذة- إنك كذاب في كله ، وأنك مش مهتم بحاجة، وبتنصب عالشعب المصري.

مقطع من مسرحية:

ياجماعة احنا مش عايزين مشاكل.. مش عايزين مشاكل، أحنا في ورطة منشان سلام، ده اللي احنا عايزينو وهم كمان عاوزينو، هم مش عايزينو، احنا اللي قدمناه احنا اللي بدأناه..خذنا قصاد أيه ده أمر واقع...[كلمة غير مفهومة]

محمد صبحي:

لما تلاقي سيدة تبكي في نهاية المسرحية، وتقابلني ومعها بناتها، فتقول لي أنا مبسوطة، لأني لقيت أولادي بيبكو على شيء.

محمد يوسف القعيد:

الخطورة في دول، الخطورة في دول، الذين لم يحاربوا هذا العدو، ولم يدركوا الخطر القادم من هذا العدو، الخطورة في دول الذين طلعوا وقدم لهم النمط الغربي، والنمط الأمريكي بالذات، أمركة كل شيء -بالنسبة لهم- هي الخلاص الوحيد، وهي المخرج الوحيد، أنا بسأل نفسي -وأنا لست من دعاة الحروب ولا دموي ولا إرهابي ولا أي حاجة يعني- باسأل نفسي: إذا احتاجت مصر في يوم ما أن تدافع عن نفسها؛ من سيدافع عنها؟

مقطع من مسرحية:

ما تتكلم يا أستاذ فكري..

مسألة قاسية فعلا....كان زمان الوضع دا الوقت اختلف.. بعد فيه اتفاق...اللي ماتو دول كانو الثمن...

يسري فودة:

لا تتعلق قضية أسرانا في حروبنا مع إسرائيل بما مضى بقدر ما تتعلق بما هو آت، أي مثال نقدمه للأجيال القادمة إذا ما هي اضطرت يومًا ما إلى حمل السلاح؟ من يحمي ظهرها؟.

ومن يضمن لك أن سهمًا أتاني من الخلف، لن يجيئك من ألف خلف؟. من حق إسرائيل أن تحاول دائمًا كسر شوكة الولاء في قلوبنا، ومن حقنا -ولو أحيانًا- أن نقاوم.

فما الصلح إلا معاهدة

بين ندين في شرف القلب لا تنتقص

أقلب الغريب كقلب أخيك؟

أعيناه عينا أخيك؟

وهل تتساوى يد سيفها كان لك

بيد سيفها أثكلك؟

إن سهمًا أتاني من الخلف

سوف يجيئك من ألف خلف.

أمين عبد الرحمن:

أنا عاوز أقول كذا رسالة، عاوز أقول أول رسالة للشهداء، اللي كانوا معاي، واللي موَّتتهم إسرائيل عُزل من السلاح عرايا عطاشى، والذين موَّتتهم إسرائيل، من ضمنهم أخوي، أقول لهم: الله يرحمكم.

ده واحدة، وعاوز أقول لكل العالم أن يبص للقضية دي كده ، ويعرفوا: هي إسرائيل عملت أيه؟ وعاوز أقول لحكام إسرائيل -إذا مسكت أي أسير من أي دولة عربية، سواء أكان فلسطيني، من جنوب لبنان، من حزب الله، من منظمة أمل، من الأردن، من سوريا، من أي حته، احترمه. احترمه كآدمي - يا أخي- عشان الدول الثانية تحترمك، الدول الثانية تحترمك لما أنت تحترم الأسير، تبقى دولة الدول الدول التانية تحترمك.

وعاوز أقول برضه للحكام بتوعنا: الله يعينكم الله يعينكم.. في اللي أنتم فيه ده ، في مفاوضات السلام من ناحية، وفي ده.. من ناحية، وفي الحاجات دي، أنا مش عارف هم مستحملين الزاي؟.

أنا باستغرب الراجل حسني مبارك ده  الله  يكون في عونه، يستحمل استحمال، أنا باعذره، أنا لو أنا منه ما ما استحملش، ده هو، ده عندي جَلَد فظيع.

وعاوز أقول لرجالات القوات المسلحة المصرية: ما تنسوش أن أنتو خير الأجناد في الأرض.